“اسمع؛ إن لم تتمكن من اكتشاف المغفل في أول نصف ساعة لك على الطاولة؛ فأنت هو المغفل!”. هذا هو السطر الافتتاحي لفيلم Rounders الذي سيكون محور مقالنا لهذا اليوم ضمن سلسلة أشهر أفلام المقامرة التي بدأناها منذ فترة، وبهذا السطر أيضاً سأفتتح مقالي؛ لأنه ـ ببساطة ـ يختصر لعبة البوكر بأكملها!
لعبة البوكر هي من ألعاب القمار القليلة التي لا تعتمد على الحظ بشكل كامل؛ بل أيضاً على مقدار كبير من المهارة. وهذا المهارة لا تتلخص فقط في الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها أو في القدرة على الحساب؛ بل بجانب كبير منها على المقدرة على الخداع وقراءة تعابير الخصم وفهمها للتوصل من خلالها إلى مدى قوة أوراقه. لذا تجد الكثير من اللاعبين يفوزون بأوراق أضعف بكثير من أوراق خصومهم فقط عن طريق التلاعب بهم وخداعهم.
فيلم Rounders:
على عكس الفيلمين اللذين تحدثنا عنهما سابقاً ضمن هذه السلسلة (21 وMolly’s Game)، لا يعتمد فيلم Rounders على قصة حقيقية، إلا أن الفيلم المنتَج عام 1998 مستوحى من تجارب الحياة الواقعية لكاتبي السيناريو ديفيد ليفين (David Levien) و بريان كوبلمان (Brian Koppelman)؛ اللذين قاما بالبحث في “عالم البوكر تحت الأرض” (مصطلح يشير إلى ألعاب البوكر التي يتم تنظيمها في أمكنة بعيدة عن أعين الجهات التنظيمية والرقابية ولا يعمل بموجب قوانين الألعاب المحلية، وعادةً ما تكون هذه الألعاب غير قانونية أو غير مرخصة؛ وغالباً ما تتضمن مخاطر عالية وشخصيات مشبوهة ومخاطر محتملة) في مدينة نيويورك لعدة سنوات، حيث التقيا وأجريا مقابلات مع العديد من اللاعبين المحترفين والهواة، بالإضافة إلى مالكي الأندية والتجار والمحتالين. كما أنهما لعبا أيضاً في بأنفسهم وقاما بدمج بعض الشخصيات والمواقع والأحداث التي واجهوها ضمن نص الفيلم. وتجدر الإشارة إلى أن بعض أساطير البوكر المذكورة أو المصورة في الفيلم ـ مثل جوني تشان ودويل برونسون وستو أونغار ـ هي شخصيات حقيقية فاز أصحابها بالعديد من بطولات بطولة العالم للبوكر. ومع ذلك، فإن الشخصيات الرئيسية لمايك ماكديرموت (بطل الفيلم) و”وورم” هي إبداعات خيالية؛ وقصتهما لا تعتمد على أي شخص أو حادثة محددة. الفيلم عبارة عن تصوير درامي لثقافة البوكر وأسلوب الحياة، وليس فيلماً وثائقياً أو سيرة ذاتية.
فيلم Rounders هو فيلم عن عالم البوكر تحت الأرض عالي المخاطر، من إخراج جون دال (John Dahl) وبطولة مات ديمون (Matt Damon) وإدوارد نورتون (Edward Norton). يتتبع الفيلم قصة مايك ماكديرموت، طالب القانون ولاعب البوكر الموهوب الذي يطمح إلى المشاركة في بطولة العالم للبوكر ومواجهة بطل العالم آنذاك (جوني تشان). يخسر مايك ـ في بداية الفيلم ـ كامل مدخراته لصالح رجل عصابات روسي يُدعى تيدي كيه جي بي (Teddy KGB). ليقرر إثر خسارته أن يهجر لعب البوكر نهائياً ويركز على دراسته وصديقته. ويلتزم بقراره هذا إلى أن يخرج صديقه القديم “Worm” ـ اللعوب المشاكس الغشاش في اللعب ـ من السجن ويعيده إلى اللعبة. نظراً إلى طيبة قلبه وتقديره لصداقتهما؛ يجد مايك نفسه مضطراً لمساعدة Worm في سداد دين ضخم لـ تيدي KGB، رغم أن ذلك يجعله يخاطر بحياته ومسيرته المهنية.
يستكشف الفيلم موضوعات إدمان القمار والصداقة والولاء والخيانة، ويعتبر أحد أفضل الأفلام التي تتحدث عن البوكر على الإطلاق. وقد استشهد بعض لاعبي البوكر المشهورين (دويل برونسون، وفيل هيلموث، وكريس موني ميكر) بالفيلم باعتباره مصدر إلهام لمسيرتهم المهنية. ويحمل عنوان “Rounders” معنى محدداً في سياق الفيلم وعالم البوكر. إذ يشير مصطلح “Rounder” عموماً إلى شخص يسافر من مدينة إلى أخرى بحثاً عن ألعاب الورق عالية المخاطر. وهذا ما يفعله مايك وصديقه في الفيلم، حيث يحاولان كسب ما يكفي من المال لسداد ديونهما. كما يشير العنوان أيضاً إلى الطبيعة “الدائرية” (السير في نفس الحلقة المفرغة) لإدمانهم، حيث يعودون دائماً إلى البوكر على الرغم من المخاطر والعواقب.
من هو (جوني تشان)؟
رغم أنه لم يكن شخصية في الفيلم؛ إلا ذكره يأتي مرات عدة؛ حتى أن مايك يدعي أنه هزمه في مباراة فردية، لذا نجد أنه يجب الحديث قليلاً عن هذا اللاعب الموهوب.
جوني تشان هو لاعب بوكر مشهور وناجح فاز بـ 10 أساور من بطولة العالم للبوكر؛ بما في ذلك الحدث الرئيسي في عامي 1987 و1988. وهو آخر لاعب يفوز بالحدث الرئيسي مرات متتالية، وواحد من أكثر اللاعبين احتراماً وأكثرهم تأثيراً في عالم البوكر.
ولد جوني الصين عام 1957، وانتقل إلى الولايات المتحدة مع عائلته عندما كان في الخامسة من عمره. عاش في هونغ كونغ، وفينيكس، وهيوستن، حيث كانت عائلته تمتلك مطاعم عدة. بدأ بلعب البوكر مع موظفي المطعم عندما كان مراهقاً وترك جامعة هيوستن لمتابعة شغفه بالبوكر. انتقل إلى لاس فيغاس عندما كان عمره 21 عاماً وأصبح مقامراً محترفاً.
ظهر لأول مرة على ساحة البوكر في عام 1981، عندما شارك في بطولة كأس أمريكا للبوكر؛ وفاز بأول سوار له في بطولة العالم للبوكر WSOP في عام 1985، في حدث Texas Hold’em.
حقق الشهرة والمجد عندما فاز بالحدث الرئيسي في بطولة العالم للبوكر WSOP في عامي 1987 و1988، متغلباً على فرانك هندرسون وإريك سايدل على التوالي (تم إطلاق لقب “خدعة القرن” على الطريقة التي فاز فيها جوني تشان عند مواجهته “إريك سايدل”). وهي المباراة التي ظهرت في فيلم Rounders (1998).
واصل الفوز بأساور بطولة العالم للبوكر WSOP في أحداث مختلفة؛ وأصبح أول لاعب يفوز بـ 10 أساور في بطولة العالم للبوكر WSOP في عام 2005، عندما تغلب على “Phil Laak” في حدث Hold’em بحدود مجموع الرهان بقيمة 2500 دولار. وهو حالياً متعادل مع (دويل برونسون) و(فيل آيفي) في المركز الثاني برصيد 10 أساور في بطولة العالم للبوكر WSOP، خلف (فيل هيلموث) الذي لديه 17 سواراً!
تم إدراج اسمه في قاعة مشاهير البوكر في عام 2002، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أحد أفضل لاعبي البوكر على الإطلاق، ومصدر إلهام للعديد من اللاعبين الطموحين.
بطولة كأس العالم في البوكر WSOP:
هي سلسلة من بطولات البوكر التي تقام كل عام في مدينة “بارادايس” في ولاية “نيفادا” في الولايات المتحدة الأميركية. وهي حدث البوكر الأكثر شهرة وربحاً في العالم.
تتميز بطولة العالم للبوكر WSOP بالعديد من ألعاب البوكر، ولكن الحدث الرئيسي هو دورة Texas Hold ’em بلا حدود بقيمة 10,000 دولار والتي تحدد بطل العالم حيث يحصل الفائز في الحدث الرئيسي على سوار ذهبي، وهو ما يعتبر الرمز النهائي للإنجاز في البوكر.
بدأت بطولة العالم للبوكر WSOP في عام 1970 عندما قام (Benny Binion) بدعوة سبعة من أشهر لاعبي البوكر إلى الكازينو الخاص به للمشاركة في دورة واحدة. منذ ذلك الحين، زادت شعبية وحجم بطولة العالم للبوكر WSOP، حيث جذبت آلاف اللاعبين من جميع أنحاء العالم. بعض أشهر وأنجح لاعبي البوكر، مثل Johnny Chan وPhil Hellmuth وDoyle Brunson وDaniel Negreanu، فازوا بأساور متعددة في بطولة العالم للبوكر WSOP وجوائز مالية بملايين الدولارات.
تعد بطولة العالم للبوكر WSOP أيضًا حدثاً إعلامياً كبيراً يتم بثه على التلفزيون ومنصات الإنترنت. وتعتبر حلماً للعديد من عشاق البوكر، لأنها ـ بالإضافة إلى المبلغ المالي الضخم الذي تقدمه ـ توفر الشهرة والمجد في عالم البوكر.
تختلف الجائزة المالية للفوز بالحدث الرئيسي في بطولة العالم للبوكر WSOP اعتمادًا على السنة وعدد المشاركين؛ حيث وصلت هذا العالم إلى 10 ملايين دولار للفائز الأول! ولمعرفة مزيد من التفاصيل حول لعبة البوكر وبطولة كأس العالم في البوكر يمكنك قراءة مقالنا عن هذا الموضوع من هنا.
أخيراً؛ وفي ختام هذا المقال؛ فأنك إن كنت من محبي لعبة البوكر (أو لم تكن!)؛ فإنك ستستمتع بهذا الفيلم بكل تأكيد. ولا يسعني في النهاية إلا أن أقدم واحداً من أفضل مواقع الكازينو أون لاين الموثوقة؛ وهو كازينو Betfinal الذي يعد أفضل كازينو عربي (يدعم اللغة العربية) حالياً! ستجد هنا جميع ألعاب الكازينو بلا استثناء: بوكر، بلاك جاك، باكارات، سلوتس، روليت وغيرها الكثير. ليس هذا فحسب؛ بل ستجد أيضاً قسماً للمراهنات الرياضية يغطي أغلب الأحداث الرياضية على مستوى العالم. ناهيك عن الموثوقية العالية والسرعة في أداء السحوبات (لا تتجاوز 24 ساعة كحد أقصى). وأخيراً؛ لن ننسى خدمة دعم الزبائن المتوفرة باللغة العربية 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع!
الخلاصة
بينما يتم حساب الرقائق النهائية وتوزيع اليد الأخيرة، فإننا نتأمل في الجاذبية الجريئة لفيلم “Rounders”، وهو الفيلم الذي ترك علامة لا تمحى على هذا النوع من أفلام المقامرة، هذه الرحلة السينمائية عبر الارتفاعات والانخفاضات في لعبة البوكر عالية المخاطر لم تكن ممتعة فحسب، بل تثقيفية أيضًا، حيث تجسد جوهر ما يعنيه أن تكون منغمسًا حقًا في عالم لعب الورق الاحترافي.
لقد أصبح فيلم “Rounders”، بفضل سرده الغني وشخصياته المعقدة، من الأعمال الكلاسيكية المفضلة، ويتردد صداها لدى عشاق البوكر والمشاهدين العاديين على حدٍ سواء، إنه يرسم صورة لمشهد البوكر تحت الأرض بمثل هذه الأصالة لدرجة أنه غالبًا ما يُستشهد به كعامل محفز لازدهار البوكر في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إن تصوير الفيلم للاستراتيجية والمهارة والخدعة الضرورية في بعض الأحيان يلخص المعارك النفسية الشديدة التي يتم خوضها عبر اللباد.
يظل Mike McDermott، الذي جلبه Matt Damon إلى الحياة ببراعة، منارة لكل لاعب بوكر طموح، حيث يجسد الفكر والانضباط والشجاعة المطلوبة للنجاح في اللعبة، تعكس رحلته عبر عالم البوكر، من الغرف الخلفية القذرة إلى الأضواء الساطعة للكازينو، سعي المقامر النهائي: العثور على هذا التوازن بعيد المنال بين إثارة المقامرة وفن اللعبة.
كما يذكرنا “Rounders”، فإن عالم المقامرة لا يتعلق فقط بقلب البطاقة أو رمي النرد؛ يتعلق الأمر بالقصص التي تتكشف حول الطاولة، والشخصيات التي تتصادم، والحياة التي تتغير، يقف هذا الفيلم بمثابة شهادة على الانبهار الدائم بالمقامرة، وهي قصة تجسد جوهر السبب الذي يجعل اللعبة بالنسبة للكثيرين أكثر من مجرد لعبة – إنها أسلوب حياة.
في الختام، لا يعد فيلم “Rounders” بمثابة حجر الزاوية في سينما المقامرة فحسب، بل بمثابة رواية خالدة تستمر في الإلهام والإثارة، سواء كنت تعبث بالرقائق في لعبة محلية أو تحلم ببساطة باليد المثالية، يظل هذا الفيلم هو المحك، وهو عبارة عن ملتقى للمهارة والحظ والدراما الإنسانية – وهو منزل كامل في عالم أفلام المقامرة.